- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠2برنامج حياة المسلم 2-مدارج السالكين
مقدمة :
المذيع:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، يا ربنا صل وسلم، وأنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، حياكم الله مستمعينا الأكارم على الهواء مباشرةً، عبر أثير إذاعتكم حياة fm، في حلقةٍ جديدة مع فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، مرحباً بكم أستاذنا وشيخنا.
الدكتور راتب :
بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
الله يكرمكم يا دكتور، مرحباً بكم شيخنا الكريم، اليوم نتحدث عن الخلوات بين المعاصي وبين الطاعات، نبدأ حلقتنا بقول الحبيب عليه الصلاة والسلام:
(( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَاماً مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضاً فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُوراً))
ولما وصفهم النبي قال:
(( قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))
فكانت حرماتهم ومعاصيهم في الخلوات، لكننا أيضاً نذكر الشق الآخر لهذه الخلوات.
(( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، الإمام العادل، ورجل تصدق بصدقة أخفاها، لا تعلم يمينه ما تنفق شماله ـ فكانت أيضاً خلواته ـ ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.))
فكانت أيضاً خلواته من الطاعات، حياكم الله شيخنا الكريم.
حساسية الخلوة التي يكون فيها الإنسان بمفرده بعيداً عن الناس :
الدكتور راتب :
بارك الله بكم، ونفع بكم.
المذيع:
هل لنا بدايةً أن نتحدث عن حساسية الخلوة التي يكون فيها الإنسان بمفرده بعيداً عن الناس، في مطلع هذه الحلقة دكتور.
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أخي الكريم، سؤال دقيق جداً بارك الله بك، الإنسان دائماً يميل للأشياء الإيجابية، لكن هناك أشياء سلبية، هو في أمس الحاجة إليها، الحديث الجامع المانع القاطع الرائع المقلق:
(( من يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيء من عمله))
المذيع:
الله أكبر.
الدكتور راتب :
(( من يكن له ورع يصده ))
يصده أي يمنعه.
((عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيء من عمله))
المذيع:
اسمح لي دكتور أن نشرح الحديث، من لم يكن له ورع، ماذا تعني كلمة ورع؟
الورع هو مخافة الله :
الدكتور راتب :
مثلاً إنسان في بيته ولوحده، امرأةٌ متفلته خرجت إلى الشرفة، بإمكانه أن ينظر إليها ويملأ عينيه من محاسنها، ولا يعلم به أحد، فإذا أغلق الستارة وخاف من الله، هذا خلى مع نفسه، ولا أحد يكشف خطأه، أو مثل آخر في شهر الصيام، في شهر آب، النهار تقريباً ثماني عشرة ساعة، وهو في بيته ولا يوجد أحد، لا ابن، ولا زوجة، والثلاجة فيها ماء بارد كالزلال، يستطيع أن يشرب كأسين من الماء أو ثلاثة، ولا يعلم به أحد، لكنه خشي الله.
(( من يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيء من عمله))
المذيع:
إذاً الورع هو مخافة الله.
الدكتور راتب :
أن تخافه فيما بينك وبينه، أمام الناس هناك مكاسب، هناك زهو، فلان يصلي، فلان حج، توضع له الزينة، يُحتَفل به، بالزكاة يوجد إكرام للناس، أما إذا خلا في بيته، لا أحد يعلم به، خاف من الله.
حدثني أخ سافر لمؤتمر في بلد بعيد، وصل الساعة الثانية عشرة ليلاً، سمع ضجيجاً بأرض الفندق، أطل فرأى امرأةً ترقص وحولها جمعٌ غفير، لأنه خشي من الله أغلق الستارة وآوى إلى النوم، لو أنه متع عينيه بالنظر لهذه الراقصة، لا أحد يعلم هذه المعصية إلا الله.
(( من يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيء من عمله))
المذيع:
إذاً الإيمان الحقيقي دكتور، أن يخشى الإنسان؟
الدكتور راتب :
فيما بينك وبين الله.
المذيع:
ربه أمام الناس وبعيداً عن الناس.
معنى الخلوات :
الدكتور راتب :
أمام الناس لا يوجد مشكلة لا بد منها، لكن أمام الله يوجد زلة قدم.
المذيع:
قد يخشى الفضيحة.
الدكتور راتب :
وقد يتمنى المديح والثناء، العمل الطيب معه مديح وثناء.
المذيع:
أقصد يخشى الفضيحة إن قام بذنبٍ أمام الناس، يخشى فضيحته.
الدكتور راتب :
فالبطولة فيما بينك وبين الله.
المذيع:
التي هي الخلوات؟
الدكتور راتب :
الخلوات.
المذيع:
نعم، أنتقل معكم شيخنا الكريم إلى حديث النبي عليه الصلاة والسلام، وأيضاً كما تفضلتم على الإنسان أن يتمعن لأن المعاني التي فيه خطيرة وليست بسيطة.
((لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَاماً مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضاً فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُوراً))
هل كل هذه الطاعات التي تراكمت لسنوات لا وزن لها؟
متى تكون الطاعات التي تراكمت لسنوات لا وزن لها عند الله ؟
الدكتور راتب :
أنا مضطر الآن أن أذكر لك خمس عبادات، الأولى الصلاة:
(( يؤتى برجال يوم القيامة ))
كما تفضلت.
(( لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثورا، قيل يا رسول الله جلهم لنا، قال: إنهم يصلون كما تصلون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ))
الصلاة انتهت هنا.
(( من يكن له ورع ))
هذه ذكرتها. الآن الصيام، الصيام من صام ولم يستقم على أمر الله، هذا الصيام ترك الطعام والشراب وحده لا يقدم ولا يؤخر، الزكاة دفع المال ليرى الناس كرمه.
(( من حج من مال حرام ، ووضع رجله في الركاب وقال : لبيك اللهم لبيك، ينادى أن لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك ))
الشهادة:
(( من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة قيل وما حقها؟ قال: أن تحجزه عن محارم الله ))
الزكاة، إنفاق المال أمام الناس لا يقدم ولا يؤخر، الحج كذلك، الصيام كذلك:
(( مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ ))
ما قول الزور؟ بضاعة مغشوشة، كأن يقول لك مصنوعة في انكلترا والقماش وطني.
المذيع:
هذا ينطبق عليه قول الزور؟
أكبر معصية هي قول الزور :
الدكتور راتب :
هذا قول الزور، أوسع معصية هي قول الزور، بضاعة من دولة متخلفة، وتقول: صنع في ألمانيا، صنع في انكلترا، هذا قول الزور.
المذيع:
نحن نتخيل قول الزور أن إنساناً كان في محكمة وطلب للشهادة وغير الحق.
الدكتور راتب :
لا القول مطلق التعبير، أنت عبرت كتابةً.
المذيع:
مفهوم واسع.
الدكتور راتب :
لكن، عبّرت أن هذا القماش إنكليزي، لأن القماش الإنكليزي أغلى أنواع الأقمشة.
المذيع:
فيه تزوير للحقيقة.
الدكتور راتب :
والله مرة أذكر إنساناً أحترمه احتراماً بالغاً، عنده قطعة لسيارة مرسيدس، ثمنها عشرون ألف ليرة، غالية جداً، بقيت عنده خمس سنوات لم تبع، ضاق بها ذرعاً، جاء إنسان طلبها، قال لي: اختل توازني، لقد تخلصت منها، مبلغ كبير، ذهب ليحضرها وأتى فسأله الزبون: هل هذه القطعة أصلية؟ أي صنعت في ألمانيا، أم في تايوان؟ قال له: لا ليست أصلية، قال له: هاتها، كلمة واحدة، كلمة واحدة قال له: ليست أصلية، قال له: هاتها، قال له: أصلية، أصبحت البيعة حرام، الدين دقيق جداً، بكلمة واحدة.
المذيع:
تُعتبر قول زور لو أنه زيف مدينة الصنع، سبحان الله.
المفهوم الواسع لقول الزور :
الدكتور راتب :
سأله أصلية؟ صنعت في ألمانيا من معمل مرسيدس، قال له: لا.
المذيع:
نحن لا نلتفت كثيراً لهذه التفاصيل الدقيقة في المعاملة دكتور أنها حرام.
الدكتور راتب :
(( مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ))
أي بضاعة تباع بمواصفات غير صحيحة هذا قول زور أو بيان زور أو كتابة زور.
المذيع:
معنى ذلك لو مدح تاجر بضاعة وهو يعرف عيبها يشمله قول الزور.
الدكتور راتب :
أو ماذا يفعل التاجر أحياناً؟ يرتدي ثياباً من نفس القماش، ويقول لك: أنا ألبس منه، لكنه يعلم أن القماش سيء جداً.
المذيع:
أيضاً يعد شهادة زور؟
الدكتور راتب :
طبعاً.
المذيع:
سبحان الله! شيخنا أعود مع فضيلتكم إلى موضوع الخلوات في هذا الحديث دكتور، أن النبي عليه أفضل الصلوات والسلام يقول:
(( قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا))
هل هذا الانتهاك؟
الإنسان إذا ارتكب خطأ كبيراً نهدر عمله كله لكن الله ليس كذلك :
الدكتور راتب :
بطلت صلاته.
المذيع:
انتهاك محارم الله في الخلوات دكتور، يجعل كل عباداته لا وزن لها، هباءً منثوراً.
الدكتور راتب :
لا، أنا هنا لي تعليق دقيق جداً، نحن من عادتنا كبشر، الإنسان إذا ارتكب خطأ كبيراً دون أن نشعر نهدر عمله كله، الله ليس كذلك.
﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾
عمله الطيب محفوظ له، لكن نحن كبشر، لو أن عالماً كان قامة كبيرة، وعندما تكلم كلاماً غير صحيح، تملقاً أو خوفاً، سقط من عين الله، أما ماضيه المشرق محفوظ عند الله عز وجل، نحن كبشر نهدر كل أعماله السابقة، الله ليس كذلك.
﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾
المذيع:
لكن الحديث دكتور، فيجعلها الله عز وجل.
((هباء منثورا))
عن عباداته، يأتون يوم القيامة بحسنات.
الدكتور راتب:
وهذا لأنه مستمر، هذا ليس عملاً، أنا أتحدث عن حادثة واحدة، هذا مستمر.
المذيع:
أي من استمر على هذه القاعدة في انتهاك حرمات الله في الخلوات، تضره في عباداته.
الامتحان في الخلوات يكشف الإنسان على حقيقته :
الدكتور راتب:
تلغي عباداته سيدي، تلغي عباداته، هو أصبح يعبد الناس، يعبد سمعته، يعبد مكانته.
المذيع:
ذكرت لنا قبل قليل شيخنا: بأن الإيمان الحقيقي يكون في الخلوات بعيداً عن الناس وعن مصالح الناس، لماذا يمتحن الإنسان بهذا الامتحان الشديد في إيمانه؟
الدكتور راتب:
هذا الامتحان يكشف الإنسان على حقيقته، هذا الامتحان في الخلوات يكشف الإنسان على حقيقته، الإنسان بحكم علاقاته الاجتماعية، يخاف على سمعته، فعنده حرص ألا يرتكب معصية تضعف مكانته، أما لو أنه خلا، فعلها.
المذيع:
هنا يمتحن الإيمان.
الدكتور راتب:
لا قيمة لانضباطه الخارجي، ذاك أصبح يعبد غير الله، يعبد ذاته، يعبد مكانته، يعبد سمعته.
المذيع:
لذلك تحبط الأعمال، لأنها أصلاً لم تكن لله، كانت لأجل الرياء والسمعة، فلا وزن لها عند الله، الله يفتح عليكم لهذا التوضيح دكتور. ما الحل؟ وكيف نكون من أصحاب الورع؟ هذا ما نتوسع فيه مع فضيلتكم شيخنا الكريم، فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي.
شيخنا الكريم في حديثنا عن الخلوات، ذكرتم قبل الفاصل بأن الإنسان الذي يعبد الله أمام الناس طمعاً في سمعةٍ، أو طمعاً في مكانةٍ، أو خوفاً من الفضيحة، فهذا الذي تصبح أعماله هباءً منثوراً، لأنه ما ابتغى بها وجه الله.
الصيام هو العبادة الوحيدة التي سميت بعبادة الإخلاص :
الدكتور راتب:
ولا بد من أن يكشفه الله في وقتٍ ما.
المذيع:
سبحان الله! لكن من كانت له أعمال لله سبحانه وتعالى، فالله لا يفسدها يحفظها له لكن تقصيره يحاسب عليه.
الخوف في الخلوات فيها يكون الإيمان أو الامتحان الحقيقي لإيمان الإنسان بعيداً عن إعجاب وأعين الناس، فهنا لا بد أن ينجح بصدق خلواته مع الله.
الدكتور راتب:
عفواً قبل أن تتابع، عندنا عبادة الصيام هي العبادة الوحيدة التي سماها العلماء عبادة الإخلاص، أنت تستطيع وأنت جالس في البيت وحدك، وتأكل ما شئت، ولا أحد على وجه الأرض يكشف هذه المعصية، فأنت الساعة الثانية أو الثالثة، تكاد تموت من العطش، والثلاجة فيها كل شيء، في البراد ماء بارد، لا تستطيع أن تضع قطرة ماء في فمك، هذا هو الإخلاص.
المذيع:
بارك الله بكم يا دكتور، شيخنا الكريم في مطلع الحلقة ذكرتم حديث الرسول عليه الصلاة والسلام:
(( من يكن له ورع يصده عن معصية الله))
هذا هو الذي يحمي الإنسان في ساعات الخلوات من المعصية، كيف أصبح إنساناً ورعاً؟
يكون الإنسان ورعاً إن ذاق حلاوة الإيمان :
الدكتور راتب:
لا بد من أن تذوق حلاوة الإيمان، حتى تخاف على ضياع هذه الحلاوة.
(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ))
حلاوة الإيمان شيء دقيق جداً، للتقريب لأخوتنا المستمعين أو المشاهدين: عندك منشور لسيارة مرسيدس، منشور كتاب فخم جداً، طباعة رائعة، ألوان زاهية، منظرها الخارجي، من الأمام، من الخلف، من الجانب، تمشي على طريق صاعد، جبل أخضر، على ساحل بحر أزرق، مجرد منشور، وبين أن تملك هذه السيارة، المسافة كبيرة جداً، بين أن تملك كتاباً عن هذه السيارة، أو أن تملك هذه السيارة، أو بين أن تسكن قصراً منيفاً، شرفات، صالات، أثاث فخم، إطلالة، مسبح، بين أن ترى خارطة القصر، وأبعاد الغرف، والإطلالة على المسبح، وبين أن تسكن هذا القصر، فالأصل في النص:
(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ))
أولاً:
(( أَنْ يَكُونَ اللَّهُ ))
أي في قرآنه.
(( وَرَسُولُهُ ))
في سنته.
((أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا..))
لو سألت الآن ملياري مسلم، الآن في مليارين، أليس الله ورسوله أحب إليك مما سواهما، يقول لك: طبعاً، لا ليس هذا الجواب، عند التعارض، يعني أنت تاجر مستورد، وكيل شركة عملاقة، ودخلك فلكي منها، وأجبرتك الشركة على شراء مادة محرمة، فأنت تتساهل، عندما يضحي الإنسان.
حلاوة الإيمان لا تعني أن الإنسان لن يتعرض لابتلاءات :
عندي مصطلحين كبيرين جداً، من يبذل دينه لدنياه هذه مداهنة، أما الذي يبذل دنياه لدينه هذه مجاهدة، فرق كبير بين المداهنة والمجاهدة، المداهنة أن تبذل دينك من أجل الدنيا، أما المجاهدة أن تبذل دنياك من أجل دينك.
المذيع:
جميل، إذاً ذنوب الخلوات مخيفة في علاقة الإنسان بالله، وتحبط أعماله، حلها أن يكون ورعاً، ويكون الإنسان ورعاً إذا تملك حلاوة الإيمان، فلا يريد أن يفقد هذه الصلة.
الدكتور راتب:
هذه الحلاوة أجمل ما في الدين، سعيد.
المذيع:
فيخشى عليها.
الدكتور راتب:
موفق، مطمئن، متوازن، حكيم.
المذيع:
هل يعني ذلك دكتور إذا ذاق حلاوة الإيمان أنه لا يمرض أو لا يتعرض إلى ابتلاءات؟
الدكتور راتب:
لا لا، هذا موضوع ثان، السعادة الداخلية، سعيد جداً هو.
المذيع:
حتى لو كان عنده كرب.
الدكتور راتب:
أبداً.
المذيع:
نفسياً مرتاح.
ثمن حلاوة الإيمان :
الدكتور راتب:
حلاوة الإيمان لها ثلاث أثمان أول دفعة من الثمن، أن يكون الله في قرآنه، والنبي في سنته، أي التعليمات، في الأمر والنهي.

(( أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا))
هذه ليست سهلة، كفكرة سهلة، أما شركة عملاقة وأنت وكيلها، ألزمتك بمادة محرمة، تستوردها، وتعرف أن هذه المادة فيها مواد مسرطنة، لكن عليها طلب، أتستوردها؟ أنا أتكلم كلاماً دقيقاً، وأول شيء أن يكون:
(( اللَّهُ وَرَسُولُهُ))
وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، هذا الولاء والبراء، العلماء قالوا عنه: الفريضة السادسة، أن توالي المؤمنين ولو كانوا فقراء وضعفاء، وأن تتبرأ من الكفار والمشركين ولو كانوا أقوياء وأغنياء.
المذيع:
والثالثة دكتور؟
الدكتور راتب:
أن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار.
المذيع:
يا سلام، بهذه يجد حلاوة الإيمان.
التوبة الصادقة هي الحل الوحيد لمن يقع في المحرمات :
الدكتور راتب:
يذوق بها حلاوة الإيمان، لكن هذه ليست سهلة، امتحانات دقيقة جداً.
المذيع:
والثلاثة قلبية دكتور؟
الدكتور راتب:
قلبية كلها.
المذيع:
سبحان الله! عبادات قلبية، شيخنا الكريم الآن حينما نتحدث عن هذه الذنوب إذا أراد إنسان كان يقع فيها، كان إذا خلا عن الناس وقع في المحرمات، كيف ينشل نفسه منها؟
الدكتور راتب:
يجب أن يتوب.
المذيع:
التوبة؟
الدكتور راتب:
نعم، لو قال لي: أنا أتوب وأرجع، إذاً تحتاج لحاضنة إيمانية، أن تعيش مع مؤمنين، أن تسهر سهرة مع مؤمنين، رحلة مع مؤمنين، نزهة مع مؤمنين.
المذيع:
كيف دكتور يحاول أن يقي نفسه، هناك أناس إذا ما خلا بنفسه سهل عليه الوقوع في الحرام، كيف يحصن نفسه عند الخلوات؟
أكبر ضابط للإنسان أن يتعرف على الله فيحبه :
الدكتور راتب:
ما الذي يحدث؟ عندما تكون موظفاً في شركة مثلاً، والمدير العام أعطاك سيارة وبيتاً ودخلاً فلكياً، وهناك شخص لا يحبه هذا المدير، هل تتكلم معه؟ تدعوه للبيت لعندك؟
المذيع:
أكيد لا.
الدكتور راتب:
أنت عندما تذوق حلاوة الإيمان لا تضحي بها، هذه هي القصة، حينما تذوق حلاوة الإيمان لا تضحي بها، لذلك الإنسان أحياناً يخاف من الله، لا يخاف من عقابه، يخاف أن يفقد هذه السعادة، هناك فرق كبير.
المذيع:
إذاً أكبر ضابط للإنسان دكتور أن يتعرف على الله فيحبه.
الدكتور راتب:
فيذوق طعم القرب منه.
المذيع:
فيخشى أن يخسره من المعاصي.
الدكتور راتب:
فلو شاهدت عيناك من حسننـــــا الذي رأوه لما وليت عنا لـــــــــغيرنا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنـــا خلعت عنك ثياب العجب وجئتنــــا
ولــــو ذقت من طعم المحبــــة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنــــــا
ولـــو نسمت من قربنا لك نسمـــة لمت غريب واشتياق لقربنــــــــــــــــــا
ولـــو لاح من أنوارنا لك لائـــــــــح تركت جميع الكائنات لأجلنــــــــــــــــا
فـــما حبنا سهل وكل من ادعـــــى سهولته قلنا له قد جهلتنــــــــــــــــــــا
فـأيسر ما في الحب بالصب قتله وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنا
***
أسئلة المستمعين :
المذيع:
الله يفتح عليك يا دكتور! نستأذنكم بجولة من مشاركات مستمعينا، معنا الأخ طلال من ألمانيا، أهلاً وسهلاً أخي طلال.
المستمع:
السلام عليكم ورحمة الله، الله يخليك يا رب، أنا متوتر جداً، لكن أرغب أن أسلم على الشيخ محمد راتب النابلسي، السلام عليكم شيخنا.
الدكتور راتب:
عليكم السلام والإكرام.
المستمع:
الله يجبر خاطرك، والحمد لله أن رب العالمين أنعم عليّ وجعلني أتكلم مع حضرتك، وفقك الله، أنا من فترة عشرين يوماً، انفصلت أنا وزوجتي، ووقع أمر الطلاق على الهاتف، هل إذا حدث الطلاق بسبب الانفعال أو العصبية، وطلقتها على الهاتف هل يقع؟
الدكتور راتب:
والله في رأي للعلماء، لا طلاق في إغلاق، إذا كنت عصبياً جداً، ولست منتبهاً لم تقول، هذا الطلاق لا يقع، لا طلاق في إغلاق، لكن أمور الفقه تحتاج اختصاصياً.
المذيع:
عليك أن تراجع المفتي حتى يعطيك تفاصيل المسألة.
حاجة الأسئلة الفقهية إلى أهل الإفتاء :
الدكتور راتب:
نعم أضمن، أمور الفقه تحتاج إلى أهل الإفتاء.
المستمع:
أنا أريدك أن تدعو لي يا شيخ، أنا أخوك طلال شيخ نجيب من دمشق، أريد أن تدعو لي، أنا بفضل الله وبفضلك، الحمد لله التزمت بالدين، أطال الله عمرك.
الدكتور راتب:
الله يبارك فيك.
المستمع:
الله يطول بعمرك يا شيخنا، السلام عليكم.
الدكتور راتب:
عليكم السلام والإكرام.
المذيع:
شكراً لك أخي طلال، وأتمنى في سؤالك الفقهي أن تراجع أحداً من أهل الإفتاء لأهمية التفاصيل في إطلاق الحكم على المسألة، لننتقل إلى أبو عمر باتصال جديد.
المستمع:
السلام عليكم، الله يعطيكم العافية، الله يجزيك الخير على البرنامج، نبتدئ بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، دكتور الله يعطيكم العافية، عندي سؤالين واستفسارين، السؤال الأول: أنا ملتزم جداً بالصلاة، أنا ملتزم بالدين الحمد لله، لكني في أوقات كثيرة أترك الصلاة، أنا أحس أنني عندما أصلي وألتزم، يحدث معي أشياء كثيرة، هو أكيد وسوسة شيطان، لكن تحدث معي مصائب كثيرة، مثلاً عندما أبدأ بالصلاة تخرب السيارة، أول ما أبدأ بالصلاة يحدث معي حادث، عندما أبدأ بالصلاة يحدث معي أشياء لا أستطيع أن أفسرها، عندما أتوقف أو أبتعد قليلاً عن الصلاة، تصبح أموري تمام، حياتي جيدة وأموري تمام.
المذيع:
السؤال واضح.
الخلوة مع أنفسنا تجعلنا أقرب إلى الله :
الدكتور راتب:
أغرب سؤال سمعته في حياتي.
المستمع:
السؤال الثاني، نريد دعاء منك، أشعر أني دائماً أدعو ربنا، عمري ما شعرت أن ربنا استجاب لي.
المذيع:
سوف نعلق عليها، شكراً جزيلاً لك يا أبو عمر، يجيبك الشيخ بإذن الله عن كلا السؤالين لأهميتهم. نوال مرحباً بك يا أختي الكريمة تفضلي.
المستمعة:
السلام عليكم، أريد أن أقول لك دكتور أنا أحبك في الله، أريد أن أقول له شكراً جزيلاً.
الدكتور راتب:
الله يبارك فيكِ.
المستمعة:
وأريد أن أقول له أن الخلوات، أنا أقول على العكس عندما نكون لوحدنا أكثر نصبح قريبين من الله أكثر من لما نكون مع أحد، عندما يكون هناك عدد من الناس قد نستغيب، ونتكلم كثيراً، لكن عندما نكون لوحدنا نصلي أكثر، نقرأ قرآناً أكثر، ما رأيك دكتور؟
الدكتور راتب:
هذا الصح، هنيئاً لكِ إيمانكِ، وصلتك بالله عز وجل، وبارك الله بكِ.
المستمعة:
لما الإنسان يكون لوحده، يكون أكثر مع الله، صح؟
المصائب نوعان؛ مصائب عقاب ومصائب امتحان :
الدكتور راتب:
هذا كلام صحيح، نعم.
المذيع:
شكراً لكِ أخت نوال، وربنا يتقبل منكِ، شكراً لكِ ولاتصالك معنا. شيخنا نعود لأبي عمر سأل فضيلتكم سؤالين، السؤال الأول وأعتقد أنه يجري مع بعض الناس، أنه أحياناً إذا اقترب من الله، تنهال عليه المصائب.
الدكتور راتب:
هذا من سابع المستحيلات، الله لا يُجَرَّب، الله لا يُجَرَّب إطلاقاً، أطع أمرنا فقط، أطعه فقط ولا تعبأ بالنتائج.
المذيع:
لكن من الممكن للإنسان شيخنا أن يلتزم ويستقيم، وبعد ذلك ربنا سبحانه وتعالى يبتليه ببعض المصائب؟
الدكتور راتب:
مستحيل، هناك قرآن، لكن يا أخي:
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾
المذيع:
هل مجرد ما أتوب دكتور ستتوقف المصاعب في حياتي.
الدكتور راتب:
تتوقف المصاعب المعينة، لكن هناك ابتلاءات وهذا وضع ثان، النبي قال:
(( أوذيت في الله))
سيد الخلق.
((وما يؤذى أحد مثلي))
عندنا مصائب عقاب، ومصائب امتحان، هناك متاعب امتحان.
المذيع:
يعني إذا تعطلت سيارة أبو عمر أو صار معه مشكلة في العمل؟
الإنسان مبتلى وهذا الابتلاء امتحان له :
الدكتور راتب:
هذا عادي، عادي.
المذيع:
هذا لا يدل على أن ربنا عاتب عليه، أو غضبان عليه؟
الدكتور راتب:
لا عادي.
المذيع:
هذا امتحان؟
الدكتور راتب:
ليكن امتحاناً.
المذيع:
وليس غضباً؟
الدكتور راتب:
أذكر إنساناً أعرفه تماماً، زكاة ماله ألف وأربعمئة وخمسون ليرة بالضبط، زوجته ضغطت عليه ضغطاً شديداً، لكي يدهن البيت، فلم يدفع زكاة ماله، دهن البيت، وبعد ذلك عمل حادثاً، فاتورة إصلاح سيارته كانت اثني عشر ألفاً ومئتين وخمسين ليرة، نفس الرقم، هذه رسالة من الله.
المذيع:
لأنه قصر.
الدكتور راتب:
أبداً.
المذيع:
نعم، لكن لو أن إنساناً مشى في طريق الصواب، وربنا سبحانه وتعالى امتحنه، لا نقول غضب عليه، في بعض الابتلاءات، هذا قد يكون امتحاناً.
الابتلاء علة وجودنا وهو مصيرنا وقدرنا :
الدكتور راتب:
النبي امتحن.
(( ولقد أتت عليّ ثلاث من بين يوم وليلة ومالي طعام إلا ما واراه إبط بلال ))
(( لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد مثلي))
لذلك الابتلاء علة وجودنا.
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾
﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾
الابتلاء مصيرنا وقدرنا هذا.
المذيع:
إذاً نقول هذا ابتلاء، بمعنى امتحان.
الدكتور راتب:
ابتلاء وليس عقاب.
المذيع:
الله يجزيك الخير سؤاله الثاني لأبي عمر شيخنا أنه أحياناً يدعو ربنا فلا يستجاب له.
الشر المطلق لا وجود له في الكون :
الدكتور راتب:
أي لا يستجاب في حكمة بالغة، إذا ابن عنده شهادة امتحان مصيرية، وأحب ن يشتري جهازاً ليتسلى به، الأب لا يوافق، هذا الوقت ثمين الآن
ليس كل شيء تطلبه يتحقق، يوجد إله حكيم، عندي قضية توحيدية رائعة جداً: كل شيء وقع في الخمس قارات، من آدم إلى يوم القيامة أراده الله، كل شيء أراده الله وقع، معكوسة، الإرادة الإلهية متعلقة بالحكمة المطلقة فالذي وقع لو لم يقع لكان الله ملوماً، والذي وقع لو لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق، لذلك الشر المطلق لا وجود له في الكون أصلاً، لأنه يتناقض مع وجود الله، هناك شر هادف، إنسان متعلق بشيء معين حجبه عن الله، هذا الشيء قد يؤخذ منه، أخذه منه حكمة.
المذيع:
الله يفتح عليكم يا دكتور! أختنا نوال دكتور سألت بأنها على العكس تجد ساعة الخلوة عن الناس هي ساعة قرب بينها وبين ربها.
الدكتور راتب:
هذه علامة طيبة جداً.
المذيع:
هذا المطلوب.
الدكتور راتب:
وسام شرف لها إن شاء الله.
المذيع:
الحمد لله، دكتور معن أهلاً بك معنا باتصال جديد تفضل.
المستمع:
أقدم تحياتي إلى الشيخ نديم حسن، ما شاء الله، وأيضاً أقدم تحياتي أيضاً الحارة إلى الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم يا دكتور.
الدكتور راتب:
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المستمع:
أنا ربحت كتاباً من الدكتور أحمد نوفل، لكن لا أعرف أين إذاعتكم شيخ نديم؟
متابعة أسئلة المستمعين :
المذيع:
حسناً، إذا عندك سؤال الآن دكتور معن مع شيخنا النابلسي، وباقي الأسئلة إن شاء الله شباب الكونترول يجاوبوك عليها.
المستمع:
أنا أريد أن أسأله سؤالاً: إذا الإنسان مثلاً قبل أن يتزوج وجاء يريد أن يخطب فتاةً على سبيل المثال ابنتي، أو ابنة فلان، وجلس هو وهي من دون محرم، من دون أن يجلس معها أخوها أو أحد من أهلها.
المذيع:
دكتور معن معذرة، ربما الموضوع أشكل عليك، نحن نتحدث عن الخلوة في الذنوب والمعاصي، وليست الخلوة الشرعية بين المخطوبين. أشكرك يا دكتور معن كل الشكر لوجودك معنا، كل التقدير لك، وإن شاء الله الشباب يتابعون معك موضوع الكتاب.
منذر تفضل باتصال جديد، أهلاً وسهلاً.
المستمع:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الله يعطيك العافية أخي الكريم، نحكي مع فضيلة الدكتور الله يكرمك، الله يحفظك دكتورنا الفاضل، وينور بصيرتك إن شاء الله، دكتور عندي سؤالين بسيطين إن شاء الله، أول سؤال إنسان تاب إلى الله عز وجل، هل ينطبق قول الله عز وجل على هذا الإنسان مثلاً:
﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً ﴾
مثلاً إنسان كان عنده معاصي وعلاقات لا يعلمها إلا الله عز وجل، تاب هذا الإنسان إلى الله عز وجل، وأصبح من الصالحين، وفي هذه الفترة مثلاً تزوج إنسانة صالحة، هل ينطبق عليه؟ والسؤال الآخر إذا تكرمت يا دكتور: في أحد الدعاة الشيخ فتحي صافي قريب إلى القلوب، لم نعلم بهذا الشيخ إلا حين توفاه الله عز وجل وانتشرت المقاطع، والله تبكينا المقاطع التي يتحدث فيها في اللغة العامية، نريد منك أن تتحدث لنا عن أسلوب هؤلاء الدعاة في اللغة العامية، بارك الله فيك يا دكتور، ونحبك في الله حبيبنا دكتور.
المذيع:
أكرمك الله، شكراً أحبك الله، نستأذنكم شيخنا الكريم فاصل ونعود للإجابة على هذه الأسئلة.
من جديد وعلى الهواء مباشرة عبر أثير إذاعتكم حياةFM مع فضيلة العلامة الدكتور محمد راتب النابلسي، وموضوعنا لليوم عن الخلوات بين الذنوب والطاعات، من مشاركات مستمعينا الكرام، شيخنا الكريم قبل الفاصل كان الأخ منذر يسأل عن الشخص الذي تاب هل يؤاخذ بجريرة ذنبه بعد التوبة، وذكر مثالاً إن كان لا قدر الله زانياً، فهل ينطبق عليه:
﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً ﴾
كل عالِم له شريحة يؤثر فيها :
الدكتور راتب:
إذا تاب الله توبة نصوحة أنسى الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه.
المذيع:
لا يحاسب؟
الدكتور راتب:
أبداً.
المذيع:
ويتزوج من امرأةً مؤمنةً مسلمةً صالحة؟
الدكتور راتب:
أبداً.
المذيع:
شكراً للتوضيح، ذكر لنا شيخنا الكريم، فضيلة الشيخ فتحي صافي رحمة الله عليه ويسأل حضرتكم، ما رأيكم بهذا الأسلوب الشعبي؟
الدكتور راتب:
الله يحب كل عباده، ويحب كل الشرائح، وكل عالِم له شريحة يؤثر فيها، أنا ظني به أنه كان صادقاً، وكان موفقاً، وترك بصمة كبيرة جداً في الأمة، لكن هو يناسب شريحة معينة فلما وضعت دروسه بالفضائية نشأت مشكلة كبيرة.
المذيع:
هذا الأسلوب من الطرائف، وهذا الأسلوب من اللهجة العامية.
الدكتور راتب:
ناجح جداً، ومؤثر جداً، وشريحة كبيرة جداً تأثرت به، أنا تأثرت به والله، أنا أحبه كثيراً.
المذيع:
الله يفتح عليكم يا دكتور، نسأل الله أن يجعلنا جميعاً ممَن يحبهم ويرضى عنهم ويجمعنا في جنة النعيم. أبو حسن تفضل باتصال هاتفي جديد، أهلاً وسهلاً.
المستمع:
السلام عليكم، السلام عليكم يا شيخ محمد، سؤالي لا علاقة له بموضوع الحلقة.
المذيع:
إذا أسئلة فتاوى أبو الحسن نستأذنك فقط في موضوعنا لحلقة اليوم.
المستمع:
لا ليست فتاوى، أنا أريد أن أسأل بالنسبة لحديث عن صحته.
المذيع:
سوف أستأذنك لو تحوله لبرنامج فتاوى أخي الكريم.
المستمع:
هذا ليس فتاوى.
من صفات الجاهلية استباحة دم الأبرياء :
المذيع:
إن شاء الله الدكتور إبراهيم الجرمي يفيدك فيه، نحن لنا موضوع محدد أي سنبقى فيه، أرجو تقديرك للأمر، شكراً جزيلاً لك. لننتقل إلى محمد معنا من ألمانيا باتصال هاتفي جديد، أهلاً وسهلاً.
المستمع:
السلام عليكم شيخنا، هل أستطيع أن أتكلم مع الدكتور إذا سمحت.
المذيع:
يستمع لك يا أخي وأنت معنا على الهواء مباشرة.
المستمع:
السلام عليكم، شيخي أنا اسمي محمد مصطفى، وأنا من المحبين لك جداً.
الدكتور راتب:
بارك الله بك، وجعلني أهلاً لمحبتك، تفضل.
المستمع:
وأنا بفضلك أصبحت محباً أكثر لديني وأنا في الأصل كردي من سوريا.
الدكتور راتب:
سيدنا صلاح الدين كردي أيضاً.
المستمع:
الله يبارك فيك شيخنا، شيخنا سؤال واحد: لماذا يحللون دمنا؟
الدكتور راتب:
والله هذه من صفات الجاهلية.
(( المسلم أخو المسلم، لا يظلِمُهُ، ولا يَخْذُلُهُ ))
ولا يسلبه أبداً.
المستمع:
يحللون دمنا ودم أولادنا، فقط أريد أن أعرف لماذا؟
المذيع:
لنسمع الجواب أخي محمد، شكراً لك ولاتصالك معنا، شيخنا الكريم بماذا تحب أن تجيب محمد عن استباحة دماء الأبرياء من المسلمين؟
دعاء للأمة الإسلامية عامة ولأهلنا في فلسطين خاصة :
الدكتور راتب:
هناك عدوان، هناك انحراف، هناك تسلط، عندنا مليون مرض، أما سيدنا صلاح الدين، سيدنا نقول صلاح الدين الأيوبي، الذي واجه ستة وعشرين جيشاً أوربياً، ما دام ينتمي له السلطان الكبير هنيئاً له، وسام شرف له.
المذيع:
شكراً لك، أبو وسيم تفضل معنا أهلاً وسهلاً.
المستمع:
السلام عليكم ورحمة الله، إني أحبك في الله يا دكتور، بدنا منك يا سيدي العزيز دعاء للأمة الإسلامية، خصوصاً لأهلنا في فلسطين.
الدكتور راتب:
حفظ الله الأمة الإسلامية، حفظ لها إيمانها ومن يلوذ بها، وحفظ لها أمنها وسلامها واستقرارها، ونصرها على أعدائها إن شاء الله.
المستمع:
اللهم آمين، وأريد رقمك الخاص يا دكتور.
الدكتور راتب:
تأخذه من الإذاعة.
المذيع:
شكراً أبو وسيم ولاتصالك معنا، شكراً جزيلاً. نحن فقط نرجو من الأخوة الكرام أن نبقى في موضوع الحلقة، حتى تكون الفائدة للكل، وجميع الاتصالات هي محل ترحيب، وكل المتصلين الأخوة لهم كامل التقدير.
شيخنا الكريم الشق الأول من الحلقة تحدثنا فيه عن ذنوب الخلوات، نتحدث عن الشق الآخر، عن طاعات الخلوات، بعض الأشخاص دكتور إذا ما كان بينه وبين الله، كما ذكرت الأخت منال يتجلى في عبادته.
الدكتور راتب:
إذا كان بينه وبين الله وحده؟ هذه طبعاً ما فيها أي وهم ولا شك ولا وسوسة أنه يفعلها رياءً.
المذيع:
كيف يصل الإنسان لهذه المرحلة دكتور أن يقرأ القرآن فيتجلى عليه وإذا صلى يخشع؟
من يعرف الآمر يقف عند حدود الله ولا يتجاوزها :
الدكتور راتب:
إذا استقام الإنسان على أمر الله، يصبح معه خط ساخن مع الله، هذا الخط الساخن كل شيء فيه، الله ملك الملوك، مالك الملوك، صاحب الجمال، والكمال، والعطاء، والنوال، ذات كاملة مسعدة، إذا أنت أتيح لك من خلال معرفتك واستقامتك، وعملك الصالح، أنت تنشئ خطاً ساخناً مع الله
أنت أسعد إنسان، وإن لم تقل ليس على وجه الأرض من هو أسعد إلا أن يكون أتقى مني عندك مع الله مشكلة، أنت مع الجميل، مع القوي، مع الحكيم، مع المعطي، مع الرؤوف، مع الرحيم، مع ذات كاملة، أصل الجمال والكمال والنوال في الكون، أنت أتيح لك أن تتصل بها، شيء مذهل، فإذا كان لا يوجد اتصال، يصبح الدين مملاً.
المذيع:
أنت دائماً شيخنا الكريم تشير إلى أن الخطوة الأولى يجب أن تعرف الآمر، ومن ثم إذا تعرفت عليه أصبحت العبادة سهلةً على الإنسان.
الدكتور راتب:
لماذا ونحن نركب في سيارتنا والإشارة حمراء نقف؟ لأن واضع القانون علمه يطولك وقدرته تطولك، إما بسحب الإجازة، أو بالحرمان من القيادة سنة بكاملها، الله ماذا قال:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾
أي جهة قوية ولو كان من بني البشر، إذا تأكدت أن علمه يطولك، وأن قدرته تطولك، لا يمكن أن تعصيه، فإذا ثبت لك أن أي خطأ ترتكبه مع الله، علم الله يطوله وقدرته تطوله، الإنسان له أجهزة معقدة جداً، يعني خثرة في الدماغ تصبح حياته جحيماً، فشل كلوي حياته جحيم، تشمع كبد حياته جحيم، شلل حياته جحيم، فقد بصر حياته جحيم، نحن في قبضة الله، وبيده كل شيء الله عز وجل، فإذا أطعناه:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾
الصلة بالله كل شيء في الدين :
الدكتور راتب:
لذلك الصلة بالله كل شيء في الدين، الصلة بالله هي كل شيء، سعادة، على حكمة، على نجاح، على تفوق، على شخصية قوية، أسرة ناجحة، أولاد أبرار، بنات محتشمات.
المذيع:
وفيها كما تفضلت دكتور لو ذاق الإنسان الحلاوة لأقبل على الدين، دون هذه الحلاوة تصبح حركات.
الدكتور راتب:
العبادات من دون الصلة بالله مملة.
المذيع:
﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾
سبحان الله! هذا يمكن الذي يجعل البعض ينفر من العبادات، أنه لم يعطيها حقها.
الدكتور راتب:
لأنه ما استقام.
المذيع:
فلم يكرمه الله بحلاوة الإيمان.
الدكتور راتب:
مثلاً بيت فيه جميع الأجهزة، مكيفات، ثلاجات، مراوح، لكن لا يوجد كهرباء، كله ممل، كتل كبيرة أمامي ولا أستفيد منها.
المذيع:
إذاً حتى تنعقد الصلة دكتور المطلوب مني أنا الاستقامة.
معرفة الله أولاً ثم الاستقامة والعمل الصالح طريقي إلى حلاوة الإيمان :
الدكتور راتب: